الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مُفْتِي الْأَنَامِ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَد بْنُ تَيْمِيَّة:عَنْ قَوْمٍ يَقُولُونَ: كَلَامُ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ قَدِيمٌ- سَوَاءٌ كَانَ صِدْقًا أَوْ كَذِبًا فُحْشًا أَوْ غَيْرَ فُحْشٍ نَظْمًا أَوْ نَثْرًا- وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَلَامِ اللَّهِ وَكَلَامِهِمْ فِي الْقِدَمِ إلَّا مِنْ جِهَةِ الثَّوَابِ. وَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمْ- بَلْ أَكْثَرُهُمْ-: أَصْوَاتُ الْحَمِيرِ وَالْكِلَابِ كَذَلِكَ وَلَمَّا قُرِئَ عَلَيْهِمْ مَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد رَدًّا عَلَى قَوْلِهِمْ تَأَوَّلُوا ذَلِكَ وَقَالُوا: بِأَنَّ أَحْمَد إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ خَوْفًا مِنْ النَّاسِ فَهَلْ هَؤُلَاءِ مُصِيبُونَ أَوْ مُخْطِئُونَ؟ وَهَلْ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى زَجْرُهُمْ عَنْ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَكْفُرُونَ بِالْإِصْرَارِ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَهَلْ الَّذِي نُقِلَ عَنْ أَحْمَد حُقٌّ كَمَا زَعَمُوا أَمْ لَا؟.فَأَجَابَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-:الْحَمْدُ لِلَّهِ، بَلْ هَؤُلَاءِ مُخْطِئُونَ فِي ذَلِكَ خَطَأً مُحَرَّمًا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ قَالُوا مُنْكِرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا؛ بَلْ كُفْرًا وَمُحَالًا يَجِبُ نَهْيُهُمْ عَنْهُ وَيَجِبُ عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ عُقُوبَةُ مَنْ لَمْ يَنْتَهِ مِنْهُمْ عَنْ ذَلِكَ جَزَاءً بِمَا كَسَبُوا نَكَالًا مِنْ اللَّهِ؛ فَإِنَّ هَذَا الْقَوْلَ مُخَالِفٌ لِلْعَقْلِ وَالدِّينِ مُنَاقِضٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ وَهِيَ بِدْعَةٌ شَنِيعَةٌ لَمْ يَقُلْهَا أَحَدٌ قَطُّ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ: لَا عُلَمَاءُ السُّنَّةِ وَلَا عُلَمَاءُ الْبِدْعَةِ وَلَا يَقُولُهَا عَاقِلٌ يَفْهَمُ مَا يَقُولُ؛ وَلَكِنْ عَرَضَ لِمَنْ قَالَهَا شُبْهَةٌ وَنَحْنُ نُبَيِّنُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَلَا يُحْتَاجُ فِي مِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي فَسَادُهُ مَعْلُومٌ ببداءة الْعُقُولِ أَنْ يُحْتَجَّ لَهُ بِنَقْلِ عَنْ إمَامٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ إلَّا مِنْ جِهَةِ بَيَانِ أَنَّ رَدَّهُ وَإِنْكَارَهُ مَنْقُولٌ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَأَنَّ قَائِلَهُ مُخَالِفٌ لِلْأُمَّةِ مُبْتَدِعٌ فِي الدِّينِ؛ وَلِتَزُولَ بِذَلِكَ شُبْهَةُ مَنْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ قَوْلَهُمْ مِنْ لَوَازِمَ قَوْلِ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ وَيَعْلَمُ أَنَّهُمْ مُخَالِفُونَ لِمَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ الْمُقْتَدَى بِهِمْ الْمُعَظَّمِينَ؛ وَلِيَتَبَيَّنَ أَنَّ نَقِيضَ قَوْلِهِمْ مَنْصُوصٌ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْمُتَّبَعِينَ فِي السُّنَّةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا سَكَتُوا عَنْهُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا. وَأَنَّهُ لَا رَيْبَ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَد بْنَ حَنْبَلٍ وَمَنْ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ نَصُّوا عَلَى أَنَّ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ مَخْلُوقٌ- نَصًّا مُطْلَقًا- بَلْ نَصَّ أَحْمَد وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ عَلَى أَفْعَالِ الْعِبَادِ عُمُومًا وَعَلَى كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ خُصُوصًا وَلَمْ يَمْتَنِعُوا عَنْ هَذَا الْإِطْلَاقِ لِأَجْلِ الشُّبْهَةِ الَّتِي عَرَضَتْ لِهَؤُلَاءِ الْمُبْتَدِعَةِ الْمُخَالِفِينَ حَتَّى لَا يَقُولَ قَائِلٌ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ: إنَّهُ لَا يُقَالُ مَخْلُوقٌ وَلَا غَيْرُ مَخْلُوقٍ لِأَجْلِ شُبْهَتِهِمْ أَوْ لِكَوْنِ الْكَلَامِ في ذَلِكَ بِدْعَةً بَلْ الْقَوْلُ بِأَنَّ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ مَخْلُوقٌ غَيْرُ قَدِيمٍ مَنْصُوصٌ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْمُتَّفَقِ عَلَى إمَامَتِهِمْ فِي الدِّينِ وَالسُّنَّةِ. فَمِنْهُمْ مَنْ نَصَّ عَلَيْهِ لَمَّا تَكَلَّمَ فِي مَسَائِلِ الْقَدَرِ وخَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَمِنْهُمْ مَنْ نَصَّ عَلَيْهِ لَمَّا تَكَلَّمَ فِي مَسْأَلَةِ تِلَاوَةِ الْعِبَادِ لِلْقُرْآنِ وَاللَّفْظِ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ نَصَّ عَلَيْهِ مُحْتَجًّا بِهِ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ كَلَامِ الْخَالِقِ وَكَلَامِ الْمَخْلُوقِ. فَرَوَى أَبُو بَكْرٍ أَحْمَد بْنُ هَارُونَ الْخَلَّالُ- وَهُوَ الَّذِي جَمَعَ نُصُوصَ أَحْمَد فِي أُصُولِ الدِّينِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ وَفِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ كُلِّهَا وَفِي الْآدَابِ وَالْأَخْلَاقِ وَالزُّهْدِ وَالرَّقَائِقِ وَفِي عِلَلِ الْحَدِيثِ وَفِي التَّارِيخِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ عُلُومِ الْإِسْلَامِ. رُوِيَ- فِي كِتَابِ السُّنَّةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى اللَّفْظِيَّةِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ ابْنِ زنجويه قَالَ: سَمِعْت أَحْمَد بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: مَنْ قَالَ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ فَهُوَ جهمي وَمَنْ قَالَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ لَا يُكَلَّمُ. قَالَ الْخَلَّالُ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُد السجستاني قَالَ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَتَكَلَّمُ فِي اللَّفْظِيَّةِ وَيُنْكِرُ عَلَيْهِمْ كَلَامَهُمْ وَسَمِعْت إسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْه ذَكَرَ اللَّفْظِيَّةَ وَبِدَعَهُمْ وَقَالَ الْخَلَّالُ: سَمِعْت ابْنَ صَدَقَةَ قَالَ سَمِعْت يَحْيَى بْنَ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ قَالَ سَمِعْت رَجُلًا سَأَلَ مُعْتَمِرَ بْنَ سُلَيْمَانَ أَنَّ لَنَا إمَامًا قَدَرِيًّا أُصَلِّي خَلْفَهُ قَالَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ لَفْظَهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ سَمَاءَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ قَالَ الْخَلَّالُ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الأزدي حَدَّثَنِي مُسَدَّدُ قَالَ: كُنْت عِنْدَ يَحْيَى الْقَطَّانِ وَجَاءَ يَحْيَى بْنُ إسْحَاقَ بْنِ تَوْبَةَ الْعَنْبَرِيُّ فَقَالَ لَهُ يَحْيَى حَدِّثْ هَذَا يَعْنِي مُسَدَّدًا كَيْفَ قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فِيهَا؟- أَيْ مَسْأَلَتِنَا- فَقَالَ سَأَلْت حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ عَمَّنْ قَالَ: كَلَامُ النَّاسِ لَيْسَ بِمَخْلُوقِ فَقَالَ هَذَا كَلَامُ أَهْلِ الْكُفْرِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ إسْحَاقَ سَأَلْت مُعْتَمِرَ بْنَ سُلَيْمَانَ عَمَّنْ قَالَ كَلَامُ النَّاسِ لَيْسَ بِمَخْلُوقِ فَقَالَ هَذَا كُفْرٌ. فَهَذِهِ الْآثَارُ وَنَحْوُهَا مِمَّا اعْتَمَدَ عَلَيْهَا الْمَشْهُورُونَ بِالسُّنَّةِ كالمروذي وَالْخَلَّالِ وَغَيْرِهِمَا وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ابْنُ بَطَّةَ يَعْتَمِدُ فِي كِتَابِهِ الْإِبَانَةِ الْكَبِيرِ عَلَى هَذِهِ الْآثَارِ وَنَحْوِهِمَا. قُلْت: حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ فِي السُّنَّةِ فِي طَبَقَةِ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِي وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ فِي الزَّمَانِ وَالْإِمَامَةِ بَلْ هُوَ عِنْدَ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ أَقْعَدُ بِالسُّنَّةِ مِنْ الثَّوْرِيِّ وَإِنْ كَانَ الثَّوْرِيُّ أَكْثَرُ عِلْمًا مِنْهُ وَزُهْدًا وَعِنْدَ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ أَحْفَظُ لِلْحَدِيثِ مِنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَإِنْ كَانَ حَمَّادُ أَشْهَرَ بِالزُّهْدِ وَأَكْثَرَ دُعَاءً إلَى السُّنَّةِ وَهُوَ إمَامُ الْبَصْرَةِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ الَّذِي كَانَتْ الْبَصْرَةُ فِيهِ مَجْمَعَ عِلْمِ الْإِسْلَامِ وَكَانَ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ وَوَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَخُلَفَاءُ الرُّسُلِ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ الَّذِي هُوَ عَصْرُ تَابِعِي التَّابِعِينَ هَؤُلَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِهِمْ وَهُمْ مِنْ الْقَرْنِ الثَّالِثِ الْمَمْدُوحِ. والْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ أَيْضًا وَهُوَ دُونَ حَمَّادِ ابْنِ زَيْدٍ وَقَدْ أَدْرَكَهُ الْإِمَامُ أَحْمَد وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْه وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ أَحَدُ شُيُوخِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَأَمَّا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فَفَاتَ الْإِمَامَ أَحْمَد فَقَالَ: فَاتَنِي حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فَعَوَّضَنِي اللَّهُ بِإِسْمَاعِيلَ بْنَ عُلَيَّةَ وَفَاتَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَعَوَّضَنِي اللَّهُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَة. وَأَمَّا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ فَهُوَ أَحَدُ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ وَهُوَ إمَامُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي مَعْرِفَةِ صِحَّتِهِ وَعِلَلِهِ وَرِجَالِهِ وَضَبْطِهِ حَتَّى قَالَ أَحْمَد: مَا رَأَيْت بِعَيْنِي مِثْلَهُ يَعْنِي فِي ذَلِكَ الْفَنِّ وَعَنْهُ أَخَذَ ذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَعَنْ عَلِيٍّ أَخَذَ ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ صَاحِبُ الصَّحِيحِ وَقَدْ ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَرَ فِي مَعْرِفَةِ عِلَلِ الْحَدِيثِ مِثْلَ مُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ. وَهَؤُلَاءِ الْعُلَمَاءُ الْأَئِمَّةُ أَنْكَرُوا عَلَى مَنْ قَالَ كَلَامُ الْآدَمِيِّينَ وَلَفْظُهُمْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ لَمَّا نَبَغَتْ الْقَدَرِيَّةُ الْمُبْتَدِعَةُ وَزَعَمُوا أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ لِلَّهِ: لَا أَقْوَالُهُمْ وَلَا سَائِر أَعْمَالِهِمْ: لَا خَيْرُهَا وَلَا شَرُّهَا؛ بَلْ يَقُولُونَ: هِيَ مُحْدَثَةٌ أَحْدَثَهَا الْعَبْدُ وَلَيْسَتْ مَخْلُوقَةً لِأَحَدِ أَوْ يَقُولُونَ: الْعَبْدُ خَلَقَهَا كَمَا أَنَّهُ أَحْدَثَهَا؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ يَتَنَازَعُونَ فِي إثْبَاتِ خَلْقٍ لِغَيْرِ اللَّهِ وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْأُمَّةِ نِزَاعٌ فِي أَنَّهَا مُحْدَثَةٌ كَائِنَةٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: إنَّهَا قَدِيمَةٌ؛ وَلَكِنَّ الْقَدَرِيَّةَ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ اعْتَقَدُوا أَنَّ الْأَفْعَالَ الِاخْتِيَارِيَّةَ وَمَا يَتَوَلَّدُ عَنْهَا مِنْ أَفْعَالِ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ وَالْإِنْسِ- الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِي- لَمْ يَخْلُقْهَا اللَّهُ. قَالُوا: لِأَنَّهُ لَوْ خَلَقَهَا لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مَجْبُورًا وَأَنْ يَرْتَفِعَ التَّكْلِيفُ وَالْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ وَالثَّوَابُ وَالْعِقَابُ؛ وَلِأَنَّ الْعَبْدَ يَعْلَمُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُحْدِثُ أَفْعَالَهُ عِلْمًا ضَرُورِيًّا وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَدِلَّةِ نَظَرِيَّةٍ. فَلَمَّا ابْتَدَعُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ أَنْكَرَهَا أَئِمَّةُ السُّنَّةِ كَمَا أَنْكَرَ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَوَّلَ هَذِهِ الْبِدْعَةِ لَمَّا نَبَغَتْ الْقَدَرِيَّةُ فِي أَوَاخِرِ عَصْرِ الصَّحَابَةِ فَرَدَّ عَلَيْهِمْ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَوَاثِلَةُ بْنُ الْأَسْقَعِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ. وَبَيْنَ الْأَئِمَّةِ أَنَّ مَنْ جَعَلَ شَيْئًا مِنْ الْمُحْدَثَاتِ كَأَفْعَالِ الْعِبَادِ وَغَيْرِهَا لَيْسَ مَخْلُوقًا لِلَّهِ فَهُوَ مِثْلُ مَنْ أَنْكَرَ خَلْقَ اللَّهِ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُحْدَثَاتِ كَالسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَمَالِكُ الْمُلْكِ وَخَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْعَالَمِينَ خَارِجًا عَنْ رُبُوبِيَّتِهِ وَلَا شَيْءٌ مِنْ الْمُلْكِ خَارِجًا عَنْ مُلْكِهِ وَلَا شَيْءٌ مِنْ الْمُحْدَثَاتِ خَارِجًا عَنْ خَلْقِهِ قال تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وَقال تعالى: {أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} وَقال تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} وَقال تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} وَقال تعالى: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} وَقال تعالى: {إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} وَقال تعالى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} وَلِهَذَا كَانَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَالْحَدِيثِ هُمْ الْمُتَّبِعِينَ كِتَابَ اللَّهِ الْمُعْتَقِدِينَ لِمُوجَبِ هَذِهِ النُّصُوصِ حَيْثُ جَعَلُوا كُلَّ مُحْدَثٍ مِنْ الْأَعْيَانِ وَالصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ الْمُبَاشِرَةِ وَالْمُتَوَلِّدَةِ وَكُلَّ حَرَكَةٍ طَبْعِيَّةٍ أَوْ إرَادِيَّةٍ أَوْ قَسْرِيَّةٍ فَإِنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ ذَلِكَ جَمِيعَهُ وَرَبُّهُ وَمَالِكُهُ وَمَلِيكُهُ وَوَكِيلٌ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَبِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فَآمَنُوا بِعِلْمِهِ الْمُحِيطِ وَقُدْرَتِهِ الْكَامِلَةِ وَمَشِيئَتِهِ الشَّامِلَةِ وَرُبُوبِيَّتِهِ التَّامَّةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ نِظَامُ التَّوْحِيدِ فَمَنْ وَحَّدَ اللَّهَ وَآمَنَ بِالْقَدَرِ تَمَّ تَوْحِيدُهُ وَمَنْ وَحَّدَ اللَّهَ وَكَذَّبَ بِالْقَدَرِ نَقَضَ تَكْذِيبَهُ تَوْحِيدَهُ.وَأَمَّا صِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى أَسْمَائِهِ الظَّاهِرَةِ وَالْمُضْمَرَةِ فَإِذَا قُلْت: عَبَدْت اللَّهَ وَدَعَوْت اللَّهَ و{إيَّاكَ نَعْبُدُ} فَهَذَا الِاسْمُ لَا يَخْرُجُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِهِ مِنْ عِلْمِهِ وَرَحْمَتِهِ وَكَلَامِهِ وَسَائِر صِفَاتِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» وَقَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ» وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ: الْحَلِفُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَالْحِلْفُ بِقَوْلِهِ: لَعَمْرُ اللَّهِ فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ حَلِفًا بِغَيْرِ اللَّهِ فَأَعْطَوْا هَذِهِ الْآيَاتِ الْمَنْصُوصَةَ حَقَّهَا فِي اتِّبَاعِ عُمُومِهَا الَّذِي قَدْ صَرَّحَتْ بِهِ فِي أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ؛ إذْ قَدْ عُلِمَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ هُوَ دَاخِلًا فِي الْمَخْلُوقِ وَعُلِمَ أَنَّ صِفَاتِهِ لَيْسَتْ خَارِجَةً عَنْ مُسَمَّى اسْمِهِ. وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ الَّذِينَ جَمَعُوا التَّجَهُّمَ وَالْقَدَرَ فَأَخْرَجُوا عَنْهَا مَا يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ يَقِينًا مِنْ أَفْعَالِ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ: طَاعَاتُهَا وَغَيْرُ طَاعَاتِهَا وَذَلِكَ قِسْطٌ كَبِيرٌ مِنْ مُلْكِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ؛ بَلْ هِيَ مِنْ مَحَاسِنِ مُلْكِهِ وَأَعْظَمِ آيَاتِهِ وَمَخْلُوقَاتِهِ وَأَدْخَلُوا فِي ذَلِكَ كَلَامَهُ لِكَوْنِهِ يُسَمَّى شَيْئًا فِي مِثْلِ قَوْلِهِ: {إذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى} وَلَمْ يَنْظُرُوا فِي أَنَّ ذَلِكَ مِثْلَ تَسْمِيَةِ عَلِمَهُ شَيْئًا فِي قَوْلِهِ: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إلَّا بِمَا شَاءَ} وَتَسْمِيَةِ نَفْسِهِ شَيْئًا فِي قَوْلِهِ: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} وَأَنَّ قَوْلَهُ: {كُلِّ شَيْءٍ} يَعُمُّ بِحَسَبِ مَا اتَّصَلَ بِهِ مِنْ الْكَلَامِ. فَإِنَّ الِاسْمَ تَتَنَوَّعُ دَلَالَتُهُ بِحَسَبِ قُيُودِهِ. فَفِي قَوْلِهِ: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} دَخَلَ فِي ذَلِكَ نَفْسُهُ لِأَنَّهَا تَصْلُحُ أَنْ تُعْلَمَ وَفِي قَوْلِهِ: {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} دَخَلَ فِي ذَلِكَ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَقْدُورًا وَذَلِكَ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَا كَانَتْ ذَاتُهُ مُمْكِنَةَ الْوُجُودِ وَقَدْ يُقَالُ: دَخَلَ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَا يُسَمَّى شَيْئًا بِمَعْنَى مَشِيئًا فَإِنَّ الشَّيْءَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ وَهُوَ بِمَعْنَى الْمَشِيءِ فَكُلُّ مَا يَصْلُحُ أَنْ يُشَاءَ فَهُوَ عَلَيْهِ قَدِيرٌ وَإِنْ شِئْت قُلْت: قَدِيرٌ عَلَى كُلِّ مَا يَصْلُحُ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ وَالْمُمْتَنِعُ لِذَاتِهِ لَيْسَ شَيْئًا بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ. وَفِي قَوْلِهِ: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} قَدْ عُلِمَ أَنَّ الْخَالِقَ لَيْسَ هُوَ الْمَخْلُوقَ وَأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ وَإِنَّمَا دَخَلَ فِيهِ كُلُّ شَيْءٍ مَخْلُوقٍ: وَهِيَ الْحَادِثَاتُ جَمِيعُهَا. هَذَا مَعَ أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ يَقُولُونَ إنَّ الْعَبْدَ لَهُ مَشِيئَةٌ وَقُدْرَةٌ وَإِرَادَةٌ وَهُوَ فَاعِلٌ لِفِعْلِهِ حَقِيقَةً وَيَنْهَوْنَ عَنْ إطْلَاقِ الْجَبْرِ فَإِنَّ لَفْظَ الْجَبْرِ يُشْعِرُ أَنَّ اللَّهَ أَجْبَرَ الْعَبْدَ عَلَى خِلَافِ مُرَادِ الْعَبْد كَمَا تُجْبَرُ الْمَرْأَةُ عَلَى النِّكَاحِ؛ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ بَلْ الْعَبْدُ مُخْتَارٌ يَفْعَلُ بِاخْتِيَارِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَرِضَاهُ وَمَحَبَّتِهِ لَيْسَ مَجْبُورًا عَدِيمَ الْإِرَادَةِ وَاَللَّهُ خَالِقُ هَذَا كُلَّهُ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ مِنْ الْمُحْدَثَاتِ الْمُمْكِنَاتِ فَالدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ خَالِقُهَا كَالدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ خَالِقُ غَيْرِهَا مِنْ الْمُحْدَثَاتِ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ. وَإِنَّمَا الْغَرَضُ هُنَا أَنَّ الْأَئِمَّةَ رَدُّوا عَلَى مَنْ جَعَلَ أَقْوَالَ الْعِبَادِ وَأَفْعَالَهُمْ خَارِجَةً عَنْ خَلْقِ اللَّهِ وَجَعَلُوا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ جَعَلَ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ لَيْسَ مَخْلُوقَةً لِلَّهِ. هَذَا مَعَ أَنَّ أُولَئِكَ الْمُبْتَدِعِينَ كَانُوا يَقُولُونَ إنَّهَا مُحْدَثَةٌ لَيْسَتْ قَدِيمَةً فَكَيْفَ إذَا قِيلَ: إنَّهَا قَدِيمَةٌ فَإِنَّ ذَلِكَ يَصِيرُ ضلالين بَلْ ثَلَاثَ ضَلَالَاتٍ.أَحَدُهَا: جَعْلُ الْمُحْدَثِ الْمَصْنُوعِ صِفَةً لِلَّهِ قَدِيمَةً مُضَاهَاةً لِلنَّصَارَى وَنَحْوِهِمْ.وَالثَّانِي: إخْرَاجُ مَخْلُوقِ اللَّهِ وَمَقْدُورِهِ عَنْ خَلْقِهِ وَقُدْرَتِهِ كَمَا قَالَتْهُ الْقَدَرِيَّةُ مُضَاهَاةً لِلْمَجُوسِ وَنَحْوِهِمْ.وَالثَّالِثُ: إخْرَاجُ فِعْلِ الْعَبْدِ وَمَقْدُورِهِ وَكَسْبِهِ عَنْ أَنْ يَكُونَ مَقْدُورًا لَهُ وَكَسْبًا وَفِعْلًا مُضَاهَاةً لِلْجَبْرِيَّةِ الْقَدَرِيَّةِ المشركية فَهَذَا كَانَ وَجْهَ كَلَامِ أُولَئِكَ الْأَئِمَّةِ فِي هَذَا. ثُمَّ لَمَّا حَدَثَتْ بِدْعَةُ اللَّفْظِيَّةِ احْتَجَّ أَئِمَّةُ ذَلِكَ الْعَصْرِ فِي جُمْلَةِ مَا احْتَجُّوا بِهِ بِكَلَامِ أُولَئِكَ السَّلَفِ مِثْلِ الْبُخَارِيِّ الْإِمَامِ صَاحِبِ الصَّحِيحِ وَمِثْلِ أَبِي بَكْرٍ الْمَرْوَزِي الْإِمَامِ صَاحِبِ الْإِمَامِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ وَخَلْقٍ كَثِيرٍ فِي زَمَنِهِ وَمَثَلِ أَبِي بَكْرٍ الْخَلَّالِ وَنَحْوِهِ. فَاسْتَدَلَّ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ وَغَيْرُهُمْ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ فِعْلَ الْعَبْدِ أَوْ صِفَاتُهُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِصِفَاتِ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ بِمَا دَلَّ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ وَصِفَاتِهِمْ مَخْلُوقَةٌ. فَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي قدامة عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ قَالَ مَا زِلْت أَسْمَعُ أَصْحَابَنَا يَقُولُونَ: أَفْعَالُ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ. وَرَوَى الْمَرْوَزِي صَاحِبُ الْإِمَامِ أَحْمَد وَالْخَلَّالُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ مِنْ النَّصِّ عَلَى خَلْقِ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ وَأَفْعَالِهِمْ. وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ نُصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَد فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَصْدَ هُنَا التَّنْبِيهُ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي تَشَعَّبَ مِنْهُ تَفَرُّقُ الْأُمَّةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَهُوَ مَسْأَلَةُ اللَّفْظِ.
|